“هذه ليست أزمة، إنها خدعة.” “نحن لا نفتقرالى المال. المشكلة ان اللصوص عندنا كثيرون.” “من حقّنا ان نكون غاضبين. “
هذه الشعارات- الصرخات وغيرها تزامنت مع فترة ركود اقتصادي ,تزايد البطالة , سياسة التقشف, مشاعر يأس عميقة، فكان أن خرج الشعب الاسباني الى الشوارع و الساحات: رجالاً ونساء، كباراً و صغاراً ، مثقفين ومكافحين لأجل كسب لقمة العيش ليقولوا لحكوماتهم: كفى.
ما صار يُعرف بحركة 15M (لأنها بدأت في 15 ايار مايو) اطلقها الذين عُرفوا بال indignados (اي الغاضبون)، وقد تعبوا من اللامبالاة، وباتوا يتوقون الى التغيير والعدالة. استوحوا تحركّهم من الثورات العربية الغاضبة ، و اقتدوا بالصرخة الطالعة من المقلب الثاني من المحيط الهادئ الىOccupy Wall Street. ملأ الاسبانيون شوارع مدنهم ثم غادروها و لكنهم انشأوا شبكة اجتماعية حاضرة للتحرك في أي وقت و مراقبة كل تحركات الحكومة. لقد رفضوا البقاء صامتين.
لطالما تساءلتُ عن سبب غياب حركة ال indignados في لبنان. منذ بدء الثورات العربية، بقينا صامتين. مع بداية حركة 15M، بقينا صامتين. مع حركة Occupy Wall Street ، بقينا صامتين. سنوات و سنوات و حكوماتنا تتجاهل حقوق و مطالب الناس: بنى تحتية بحالة مزرية, افتقارالعناية الطبية و الدولة الراعية لرفاهية مواطنيها, انماء غير متوازن, طبقة سياسية فاسدة تسمم حياة الناس و تزرع فيهم مشاعر طائفية و ضغينة. ورغم ذالك بقينا صامتين. حركات شعبية مشابهة طلعت الى الضؤ و جهود نبيلة قام بها الكثيرون. لكنها لم تكن على قدر التحديات التي يواجهها مجمتعنا و كان عمرها قصيراً, أعوزها الاستمرار. و تساءلنا اين هم الغاضبون. لماذا صمتوا و عندهم الكثير ان يقولوه. انظار الناس متجهه نحوهم, يريدونهم ان يغضبوا و بواعث الغضب كثيرة.
…واخير اً تحرك الغاضبون في لبنان … مشوا الى شوارع بيروت وملأوها.
تقود تحركاتهم هيئة التنسيق النقابية، وليس الاتحاد العمالي العام و قد بات دوره هزيلا. الغاضبون اليوم قبلوا التحدي و هم حاضرون بقوة في العاصمة. وصفوا تحركهم بالزحف إلى بيروت، و الحقيقة أننا نرى فيه ابعاداً وغايات نبيلة و تضحيات. انها صرخة بوجه السياسيين و التجمعات الاقتصادية و التجارية الاحتكارية التي تعيش في اجواء مافيوية, تتجاهل حقوق و مصالح بقية مكونات المجتمع, تعتقد ان انتقادها هو من المحرمات و أنها فوق المساءلة و المحاسبة. بواعث حركة الغاضبين اللبنانيين و الدافع اليها استعادة الحقوق والكرامة وتحقيق العدالة.
دعونا نكون واضحين. المعلمون و موظفو القطاع العام هم الذين على الأرض يدافعون عن القضية. غير ان هذه القضية ليست قضيتهم فحسب. انهم يحملون هموم و مطالب غير قطاعات تدعمهم بقوة في مسيرتهم. ليست المسألة مسألة صراع بين اجيال, بين قطاع العام و قطاع خاص، بين النساء و الرجال، بين مسيحيين و مسلميين ، بين يمين و يسار، بين أناس هم على ارتياح مادي و اناس يسعون وراء لقمة عيشهم. القضية هي ان نقول كفى. كفى لنظام افقر الكثيرين الكثيرين من شعبنا, لطبقة سياسية استغلتنا لسنوات و سنوات (يقتضي ان نعترف بمسوؤليتنا و خطيئة صمتنا في هذا المجال) وصمت الشعب خطيئة (مبررة احيانا و احياناغير مبررة) اذا استمر زمناً طويلاً.
و اليوم، ملأ الغاضبون شوارع بيروت. قد يحققون انتصاراً , و قد يكون الانتصار بعيد المنال. قد يستحقون اسمهم وصفتهم بأنهم الغاضبون كما قد يشكلون- بالنهاية- خيبة امل. يكفيهم انهم انتفضوا و هم هنا ليبقوا و يستمروا.
كفى!
Thank you Marina, always reading what is inside my heart.
Thanks Carlita!
Reblogged this on Eliane Fersan.