Note: This is the Arabic translation of Better be an April Fools’ joke for a day… posted on Eye on East on April 3, 2016. Given that this issue goes far beyond the April Fools’ joke, we thought to spread to a wider audience with this translated version.
ملاحظة : هذه هي الترجمة العربية لمقالة Better be an April Fools’ joke for a day التي نشرت على موقعنا في 3-04-2016. لأن هذه المسألة اكبر من قضية كذبة اول نيسان, أردنا أن ننشر الترجمة العربية، لتصل إلى اكبرعدد من القراء.
التالي ليس تذمراً فارغاً، إنه مجرّد كلامٍ يجب أن يُقال، مرةً واحدة وإلى الأبد.
عندما قررت المملكة العربية السعودية في شباط الماضي تجميد مساعداتها العسكرية إلى لبنان بقيمة 3 مليار دولار، كان بإمكاننا انتقاد الدوافع الكامنة وراء هذا القرار لكن ليس فعلَ تجميد المساعدة نفسه. إنها أموالهم في آخر المطاف، وهم يقررون ما يفعلون بها. دعونا نكون واضحين، كل المساعدات سياسية ومشروطة، سواءَ أتت من السعودية أو من أي طرفٍ آخر، وستبقى دائماً كذلك، بغض النظر عمّا قد تقوله هذه الأطراف عنها ومهما حاولت الحكومات التى تتلقى هذه المساعدات إقناع مواطنيها بخلاف ذلك. مع هذا، فإن أي لبناني يملك الحدّ الأدنى من احترام الذات لا يسَعُه في ذاك الحين إلا انتقاد رد الفعل المخزي وغير المشرف لبعض الزعماء والسياسيين ورجال الأعمال والمواطنين اللّبنانيين الذين توسلوا السعودية بالـ”عودة” (عن تجميد هذه المساعدات على الأقل) والأسوأ من ذلك، دعوا الناس إلى التعهّد بالإخلاص وتوقيع عريضة والإعلان، بعبارات لا لبس فيها، عن الـ”ولاء” إلى السعودية وكل ما قامت به المملكة في لبنان. في آخر الأمر، للناس الحرية في فعل أو قول ما يريدون، وفي شكر من يريدون. ولكن حين يحصل ذلك باسم بلدٍ بأكمله، فإنه خاطئ وغير تمثيلي، وعندما يتعهّد مواطنون بالولاء إلى بلدٍ آخر، فإن القليل يفصِلهم عن الخيانة، إذا أردنا أن نبالغ في توصيف هذا الفعل…
بعد حوالي شهرين، بدعةٌ سعودية أخرى تأتي هذه المرة من صحيفة الشرق الأوسط التي تملكها الأسرة الحاكمة. فقد أظهر كاريكاتور المخصَّص لكذبة أول نيسان في الصّحيفة العلم اللبناني، في إشارةٍ إلى أن الجمهورية اللبنانية هي، في الواقع، الكذبة الأكبر.
حسناً، وإنتهى الأول من نيسان وكلنا يعلم أن كذبة أول نيسان تدوم 24 ساعةً فقط، ولذا فإن هذه الكذبة قد انتهت فعلياً وها نحن قد إسترجعنا وطننا، لماذا لم يفكر أيّ أحدٍ منا بهذا؟!
لنضع السخرية (والمنطق معها) على جنب، دعونا نتحدث عن حقيقة أن السعودية (و لو كانت الصحيفة، التي من المعروف تاريخياً أنها تمثل الخط السياسي للنظام السعودي) قد نعتَت الجمهورية اللبنانية بالكذبة. مرةً أخرى، يمكنني أن أنهي مقالتي هنا وكأنّ هذه مزحةٌ أخرى، لكني سأتابع.
قالت السعودية أن لبنان “يبالغ” في رد فعله على الرسوم. هل كان للبنان أن ينجوَ بنفسه لو استخدم هذه الحجة نفسها في احتجاجه على تجميد السعودية لمساعدتها، ربما لأن مواقف لبنان ليست “داعمةً بما فيه الكفاية” للمملكة بعد “كل ما قامت به للبنان”؟ أنا لا أعتقد ذلك. على صعيدٍ آخر، وكما هو متوقع، لم يكن هناك أي رد فعلٍ رسمي من قبل الحكومة اللبنانية على ما حدث. الجميع ربما خائفٌ جداً، كما يكون الناس الذين يفتقرون للكرامة عادةً، من قول أي شيءٍ قد يغضب المملكة على حساب وطنهم… المال يتكلّم (كما هو التعبير في اللغة الإنجليزية “money talks”)، أليس كذلك؟
من بين الأفكار التي خطرت ببالي عن هذه الحادثة أنه إذا قامت صحيفة لبنانية (لم تشترِها المملكة بعد) بإهانة المملكة العربية السعودية، فإن هذا يُعتبر خيانة؛ في حين إذا كانت صحيفة سعودية هي التي تهين لبنان، سيقدّم أزلام السعودية في لبنان ذلك على أنه في خانة حرية تعبير. لسخرية القدر، خرج مجلس التعاون الخليجي مستخدماً هذا التوصيف نفسه ضد مجموعة من الشبان الساذجين الذين قرروا تخريب مكاتب صحيفة الشرق الأوسط في بيروت كرد فعلٍ على كاريكاتور.لم يجرؤ مجلس التعاون الخليجي على استخدام ذريعة حرية التعبير رداً على كاريكاتور ، ولكنه قام باستخدمها حين تعرّضت الملكية المادية للذين يقفون وراء هذا كاريكاتور للإنتهاك. وهاهي مزحةٌ أخرى.
وبالعودة إلى كاريكاتور ، كل ما أريد قوله هو التالي: لبنان ليس بلداً مثالياً، لا كجمهورية ولا كأُمّة، لم يكن كذلك أبداً، ولن يكون كذلك حتى إشعارٍ آخر. نحن دولة فاشلة بشكلٍ مثالي في معظم الأحيان، واللّبنانيون أول المؤيدين وأكثر المروّجين لهذا الواقع. نبكي ونضحك على هذا الواقع كل يوم. لكن لبنان ليس بكذبةٍ ونحن لسنا مجرد مزحةٍ، أقلّه لأنه حتى بعد كل تاريخنا المضطرب وغير المستقر والممزّق بالحروب، ومهما راهن العالم على زوالنا و مهما أُنفقت الأموال في لبنان لنقاتل بعضنا بعضاً وليقاتلنا الآخرون (ومن بينهم المملكة العربية السعودية)، فإننا ما زلناهنا. في الواقع، هذه مزحةٌ ممتازة.
إن أكبر أضحوكة هي أن تُنعَت بالكذبة من قبل شركة عائلية تُسمي نفسها بلداً. أن تُنعَت بالكذبة من قبل متحدث باسم نظامٍ منافق يصوّب على إنحطاط العالم ويعظنا بنقائه، في حين أنه يمارس الانحطاط نفسه في الخارج وينسى كل شيء عن النقاء. أن تُنعَت بالكذبة من قب لنظامٍ لا يسمح للنساء بقيادة السياراتأو لسكانه بممارسة معتقداتهم بحرية، ويعتمد ممارسات تعود للقرون الوسطى لمعاقبة مواطنيه على مخالفة القانون. أن تُنعَت بالكذبة من قبل نظامٍ يعتقد أنّ باستطاعته أن يشتري أصوات وولاء مواطنيه والعالم من عائدات نفطه (البترودولار). أن تُنعَت بالكذبة من قبل نظامٍ يُعتقد أنه يموّل الإرهاب، فيما تبقى معظم دول العالم صامتةً بسبب موارد الطاقة التي تملكها السعودية، في حين ترى البترودولار نفسه يُستثمر في حكوماتها وأنظمتها المصرفية وشركاتها.
من الأفضل لنا أن نكون كذبةَ أول نيسان ليومٍ واحد… من أن نكون إحدى الأنظمة التي تُعتبر واحدة من أسوأ مزحات في التاريخ المعاصر.