…أنا كإمرأة

Note: This is the Arabic translation of As a Woman, posted on International Women’s Day on March 8, 2015. The translation also appeared in Al Rawaby newspaper. The celebration ended, but the need to keep on fighting for our rights remains throughout the year…

ملاحظة : هذه هي الترجمة العربية لمقالة As a Woman  التي نشرت في يوم المرأة العالمي. هذه المقالة قد نشرت في جريدة الروابي في زحلة في 26-03-2015. الاحتفال انتهى ولكن الحاجة إلى النضال من أجل حقوقنا تبقى كل السنة…  

لطالما كنت غير متأكدةٍ ممّا يتوجب عليَّ فعله كإمرأة في يوم المرأة العالمي. قد أنقل المناسبة إلى الشارع بالرقص والغناء، أو أنشر صوراً تُظهر أفضل ما في “أنوثتي” (مهما كان معنى ذلك)، أو ربما أرتدي ثوباً  جميلا لأستقبل بعض المُحبين لتناول القهوة أو حلوى من صُنعي. في الواقع، لم أعتبر يوماً أن كوني إمرأة هو الجزءُ الأهم والأساس من هُويتي. لقد لَهوت بالدمى كالبنات في طفولتي، كما كنت أنشر الفوضى حولي تماماً كالصِّبيان. أحياناً أجد نفسي في حاجة لسند بعض أصدقائي الإناث ، وفي أحيانٍ أخرى أحتاج رعايةَ ودعم صديقٍ ذكر يحثني على الصُّمود. أًعي تماماً أني كنت محظوظة جداً لعدم التعرض مطلقاً للتمييز لكوني إمرأة لدرجةٍ أثرت على سلوكي أو خياراتي في الحياة، أو على الأقل بشكلٍ مؤذٍ لم أقوَ على مجابهته بنفسي. أنا إمرأة بالتأكيد ، وأستمتع بكل الخصوصيات التي يحملها هذا الوصف. غير أني قد عشت الجزء الأكبر من حياتي كإنسانٍ حديث، تُعرّف إنسانيته عنه، وكذلك القيم والثقافات المختلطة التي ينتمي إليها، ولا يُعبّر عني أبداً طول شعري أو الفساتين التي أرتديها.

لكن هذا اليوم لا يتمحور حولي كفرد، ولا حول أي إمرأة أخرى بشكلٍ فردي. هذا اليوم هو للنساء بشكلٍ عام، للنساء كجزءٍ من البشرية؛ هنَّ اللواتي جمعتهنَّ خصائص بيولوجية وفرَّقتهن عن الذكور. إنّها بضع إختلافات بيولوجية –ونفسية – فصلت بيننا سياسياً وقانونياً واجتماعياً وإقتصادياً وتربوياً ومجتمعياً بشكلٍ أعمق بكثير ممّا قد تبرره الإختلافات البيولوجية. لقد  تقلّصت هذه الثغرة بين الجنسين مع مرور السنين، وبشكلٍ متفاوت بين مختلف الدول في العالم . لقد أسهمت النساء وأحدثن ثغرات في كل شيء وفي كل مكان؛وهذا أمرٌ معروف عن كثيرات منهن، فيما تبقى مجهولةة مساهمات غالبيتهن. وتبقى هذه الثغرة، حالها حال التمييز والعنف والمعايير المزدوجة ضد النساء، أمراً واقعاً في أجزاء كبيرة من العالم. وينبغي أن يكون يومنا السَّنوي هذا تذكيراً بعمقِ الثغرة الحقوقية بين النساء والرجال وضرورةِ متابعة الكفاح في سبيل إحقاق تثبيت المساحة المناسبة التي يستحقها النساء للإسهام في المجتمع.

ويقدّم لنا الشرق سجلا  مختلطا عن وضع نساء في في كافة  المجالات. ويفهم الرجال كما النساء أن هناك طريقاً طويلاً أمام النساء لاجتيازه. أما في لبنان، أتمنى أن يأتي اليوم الذي لا تخشى النساء فيه مواجهة الرجال الذين يعتدون عليهن…هو اليوم الذي تشق فيه النساء مكاناً لهن في السياسة نتيجة إنجازاتهن ، وليس بسبب موقعٍ موروث عن زوجٍ متوفٍ أو منتزعٍ من قبل أخٍ نافذ… هو اليوم الذي تتمتع فيه النساء بنفس الحقوق القانونية التي يتمتع بها الرجال، إن من خلال منح الجنسية اللبنانية لأطفالهن أو حق حضانة الأطفال بالتساوي… هو اليوم الذي لا يُنظر فيه بدونية إلى النساء أو لا تُلصق بهن نعوتٌ تنتقص من قدرهن لأنهم برهنَّ عن قوةٍ أو إستقلالية أو طموحٍ مهني، أو ربما لأنهنَّ مطلقاتٌ أو أمهاتٌ عازبات، أو لأنهن يقمن بما يحلو لهن القيام به، في حين يوصف الذكور في هذه الحالات نفسها بأنهم رجالٌ حقيقيون وجريئون وشجعان… هو اليوم الذي لا تترقب فيه عائلات ولادة بناتهن بشيءٍ من الغصة، في حين ينتظرون المولود الذكر بفرحٍ غير محدود… هو اليوم الذي لا تتعلم فيه البنات أن يكنَّ بناتاً، بل أن يكنَّ مواطناتٍ وأناس، والذي يتعلَّمفيه الصِّبيان أن يروا البنات كزملاء سواسية لهم، وليس كخاضعات لهوى آبائهن وأزواجهن.

لا تقعوا في الفخ الكاذب؛ إن حرية النساء اللبنانيات أسطورة. إذا كان بعض منّا نحن النساء يلبسن كما يشأن ويرقصن ويقدن السيارات على هواهن، أو يتكلمن بصراحة أو لهنَّ مكانتهن في المجالات الإنتاجية الإجتماعية والإقتصادية، فإنَّ هذا لا يعني أننا متساويات مع الرجال في مجتمعنا. وحتى إن كنَّا فعلاً كذلك، فإن هذه الصورة لا تعكس ما يحدث خارج بيروت وبعض المدن الأخرى، حيث لا تزال تسيطر العقلية الرجعية والمذلة للمرأة وحيث الحاجة كبيرة لمحاربة هذه العقلية.

ويقول الرجال أحياناً على سبيل المزاح أنه مع كل هذه المبادرات التي تركّز على النساء وحقوقهن، سيأتي اليوم الذي سيقتضي بأن يدافع الرجال عن حقوقهم. أنا على يقين أن هذا اليوم لن يأتي، و لا يجب أن يأتي. لكننا عندما سنقترب من المساواة بين الجنسين، أتمنى أن يكون الرجال كما النساء قد أدركوا أن الكفاح الحقيقي هو في سبيل الحقوق العالمية لكل إنسانٍ منا، والتي غالباً ما تُنتزع من قبل قلَّة – أو قوى مثل الحكومات أو المؤسسات الدينية. مع تحقيق المساواة بين الجنسين، سيكون الرجال والنساء في موقعٍ أفضل للدفاع معاً لنيل هذه الحقوق، حقوق الإنسان. فلنَنكَب على العمل جميعاً؛ وكل يوم المرأة العالمي و انتم بألف خير.

One Reply to “…أنا كإمرأة”

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: